الحرب التي يشنها أعداء الجنوب إعلاميًا وبكل الوسائل والمنصات المتاحة؛ هي الأشد والأكثر خطرًا على وعي وموقف وقناعات الناس من قضيتهم؛ وبقدرتها على التشويش على طبيعة وجوهر الصراع مع أعداء شعبنا؛ فهي تؤثر على إدراك البعض لطبيعة المعركة التاريخية القائمة التي يخوضها الجنوب دفاعًا عن حريته ومستقبله؛ وتضعف معنوياتهم بهذا القدر أو ذاك ووفقًا لتفاعل المتلقي مع حملات التضليل؛ وحجم الشائعات التي يتم ضخها على مدار الساعة.
لذلك فإن الحرب الإعلامية الجنوبية المضادة والموحدة والمنسقة؛ مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ مع ضرورة الابتعاد عن الجانب الدعائي الذي يفتقد للحجة والمنطق القائم على قوة الحق وحقائق الجغرافيا والتاريخ والهوية؛ وكذلك الحال الابتعاد عن الإعلام المتسم بالطابع الخبري الذي يدور حول حركة وأنشطة القيادات والهيئات؛ وعلى حساب توضيح وبلورة المضامين والأهداف التي تجسدها تلك القيادات والهيئات في الممارسة العملية؛ وبمدى الالتزام بها وبالدفاع الثابت عنها؛ ولن يتم ذلك في تقديرنا بدون الاعتماد على ذوي القدرات والخبرات والتأهيل المناسب والمتخصص في شؤون الإعلام والسياسة والتاريخ على حد سواء.
فالكفاءات المتخصصة هي وحدها القادرة على التصدي للحملات الإعلامية المضادة؛ وتقديم التحليلات الشاملة والعميقة والقادرة على فضحها وتعريتها والبعيدة عن الخفة والسطحية؛ وتجنب التقليل أو المبالغة الضارة عند تناول أي حدث سياسي مهما كان طابعه ومصدره؛ ووضعه في نطاق فعله الطبيعي وبما قد ينتج عنه من نتائج أو تداعيات؛ واستخلاص المفيد ووضع الجمهور المتلقي بصورة ذلك؛ وبما يسهم في تنمية الوعي ويعزز من روح الانتماء الوطني للجنوب وقيم المواطنة والحفاظ على الهوية.
ولعله من المفيد الدعوة هنا مجددًا لكل وسائل الإعلام الجنوبية القائمة؛ إلى ضرورة إيجاد صيغة مناسبة للتنسيق والتكامل والتفاعل في ميدان الإعلام الوطني الجنوبي؛ حتى نتمكن من تشكيل جبهة إعلامية قوية ومتماسكة وفعالة؛ كما هو حال الجبهة الإعلامية المضادة الموجهة ضد شعبنا؛ والتي تهدف للنيل من حريته وكسر إرادته وهزيمته معنويًا.
وندعو هنا كل الجهات المعنية بالإعلام الجنوبي وبقضية تحصين الرأي العام الجنوبي؛ إلى أن تبادر إلى رعاية هكذا عمل منسق ومنظم ومتكامل قدر الإمكان؛ مع ضرورة تقديم كل أشكال الدعم اللازم لهذه الوسائل حتى تتمكن من تأدية دورها الوطني؛ والرعاية الكاملة لتحقيق هذه الغاية الوطنية النبيلة؛ ودعوتنا هذه لا تعني أبدًا الدعوة للتدخل بشؤون هذه الوسائل الإعلامية؛ أو بطريقة إدارتها أو المس بحرية التعبير وتعدد الرؤى والأفكار التي تتبناها.
كما أن للنشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي دورهم الهام والمؤثر في الدفاع عن قضية شعبهم؛ وقد أثبتوا جدارتهم في التصدي للكثير من حملات الشائعات والتضليل المعادية؛ وما نتمناه عليهم هو التحكم بردود فعلهم ومستوى غضبهم في بعض الحالات؛ حتى لا يتماثلوا مع ذلك المستوى الهابط الذي يتحكم بسلوك غيرهم؛ وأن يحافظوا على لغتهم الرفيعة الجديرة بهم وبعدالة قضيتهم عند تخاطبهم وردود أفعالهم على ما يصدر من مهرجي تلك الأطراف والجماعات.