12:03 م calendar الجمعة 31 يناير 2025 الموافق 01 شعبان 1446 بتوقيت عدن
الرئيسية عاجل القائمة البحث

في عالم مضطرب تتشابك فيه التحديات السياسية والعسكرية، يصبح تحقيق السلام المستدام رهينًا بمزيج من القوة الداعمة للعدالة ورؤية سياسية مدروسة. يتجلى هذا بوضوح في القرار الأمريكي بإعادة تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، خطوة تعكس إرادة دولية لمواجهة تهديدات خطيرة تتجاوز الحدود اليمنية، وتمتد إلى الإقليم والعالم بأسره.

  • الحوثيون تهديد يتطلب ردعًا

جماعة الحوثي التي أثبتت على مدى سنوات قدرتها على استغلال الفراغ السياسي لإقامة نظام إرهابي يعمل بالوكالة عن قوى خارجية، باتت تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي. من استهداف خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر إلى إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة بدعم إيراني، تعمل الجماعة كذراع مسلح لإيران في المنطقة، مما يجعل التصنيف الإرهابي خطوة ضرورية لضبط هذا التهديد.
 

  • السلام مع القوة فلسفة لا بد منها

على مر التاريخ، لم يكن السلام الدائم وليد التفاوض الضعيف أو التسويات الهشة، بل جاء نتيجة ردع حازم للقوى التي تهدد الاستقرار. القرار الأمريكي، في جوهره، يضع إطارًا جديدًا لتعامل المجتمع الدولي مع الحوثيين، قائمًا على مبدأ "السلام مع القوة".

ردع الإرهاب: تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية يفتح الباب أمام فرض عقوبات مالية وعسكرية تستهدف شل قدراتها على تهديد الأمن المحلي والدولي.

تعزيز الشراكات الدولية: القرار يتيح فرصة لتوسيع التعاون بين الدول العربية والغربية لمواجهة التهديدات المشتركة، خصوصًا في البحر الأحمر.

خلق واقع جديد للتفاوض: عندما تكون هناك إرادة دولية لردع الميليشيات، تتغير قواعد التفاوض، ويتم إعادة صياغة الحلول السياسية بما يضمن تحقيق الأمن والسلام الحقيقيين.
 

  • التحديات أمام السلام

مع هذا التصنيف يبرز تساؤل جوهري: كيف يمكن تحقيق السلام في ظل واقع معقد كهذا؟

1 - وساطة عُمانية وخطط المبعوث الأممي:

التحدي الأكبر يكمن في أن التصنيف يعقّد عمل الوسطاء، إذ يُصعّب التعامل مع جماعة أصبحت خارج إطار الشرعية الدولية، ومع ذلك يمكن لهذه الخطط أن تكون أكثر فاعلية إذا تم توظيف التصنيف كأداة ضغط تدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات حقيقية.

2 - الحفاظ على التوازن الإنساني:

في ظل تدهور الوضع الإنساني في اليمن، يجب أن تترافق العقوبات مع آليات دقيقة لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين، مع منع استغلالها من قبل الحوثيين.
استراتيجية متكاملة للسلام

لتجنب تكرار تجارب الفشل السابقة، لا بد من استراتيجية شاملة تتضمن:

توحيد الجهود الإقليمية: تعزيز التنسيق بين دول التحالف والمجتمع الدولي لضمان تنفيذ إجراءات فعّالة ضد الحوثيين.

معالجة جذور الصراع: لا يمكن تحقيق سلام دائم دون معالجة القضايا التي استغلتها الجماعة، مثل الفقر والفراغ السياسي.

إعادة بناء الدولة الجنوبية: كجزء من رؤية شاملة، يجب التركيز على تمكين الجنوب من بناء دولته ومؤسساته لضمان الاستقرار في المناطق المحررة.
خاتمة.. سلام مبني على القوة لا الاستسلام

السلام الحقيقي ليس مجرد غياب للحرب، بل هو نظام مستدام يحفظ الكرامة الإنسانية ويعزز العدالة. تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية خطوة أولى نحو تحقيق هذا السلام، لكنها تحتاج إلى إرادة دولية صلبة، وتنسيق إقليمي محكم، ورؤية واضحة للمستقبل، فقط من خلال التوازن بين القوة والعدالة، يمكن للسلام أن يتحول من حلم بعيد إلى واقع ملموس يخدم الملايين.

 

تم نسخ الرابط